لا أدري ما الذي دفعني في هذه اللحظة، وأوجَد الرغبة في نفسي أن أكتب عن عيسى بن محمد؟! هكذا فجأة.. وجدت نفسي أريد أن أكتب عنه.. لا أدري لماذا؟! هل لأنني فقدت المرجع الذي كلما أردنا الفصْل في بعض القضايا بحكمة وتعَقُّلٍ ذهبنا إليه؟! هل لأنني فقدت صاحب الشخصية الذي كلما سمعته ينطق، شعرت أنه يأتي بالجديد؟!
فأنا منذ أنْ عرفت الشيخ ووعيت خطاباته، ما سمعته يتكلّم إلا وأضاف ليَ فهماً لبُعد جديد من أبعاد الخطاب الإسلامي الوَسَطِي الممزوج بحلاوة المنطق ورصانَة العبارة وعمق المعنى.
نعم.. عيسى بن محمد الذي مانزال نشعر أنه موجود بيننا بفِكْرِه المستمَد من وسَطِية الدعوة الإسلامية.
نعم.. عيسى بن محمد الذي برغم مكانته الاجتماعية والعلمية إلا أنه يأبى إلا أن يتمثل بجميل تواضعه أخلاق الإسلام. تَرى ذلك في تعامله مع الصغير قبل الكبير.
نعم.. عيسى بن محمد الذي ظل طيلة حياته يأتي بوجبة إفطاره في رمضان يوميا ليشاركه فيها الفقراء والعمال وعموم مَن في المسجد، ليعلمنا أن كل مشارَك مبارَك، لاسيما إذا كان من يشاركك هو رافد من روافد الأجر والثواب من عند الله. ومايزال منذ أن فقدناه، نكتشف في كل يوم سراً جديداً من أسرار شخصيته الجميلة المحبَّبة إلى النفوس، الآسرة للقلوب.
وما تزال ترن في مسمعي كلماته الأبوية الحميمة "شَخْبَارُك يا عبدالناصر؟ سمعنا أنك رشَّحت نفسك للانتخابات النيابية؟ تَرَا حتى لو تترشح مستقل تبقى أنت ولدنا، ولك منا حق الوقوف معك ودعمك والدعاء لك بالتوفيق. تدري يا ولدي شكِثُر كنت أتمنى لو أنك عزمتني حتى أتشرف بحضور حفل افتتاح مقرك الانتخابي؟"!
هذه الكلمات الأبوية العميقة، لايقولها إلا أب حنون، يدرك أن جميع أبنائه يستوون عنده في الحقوق والواجبات، ولهذا يتسامى على كل شيء ليظل قلبه أوسع من أن يضيق ذَرْعاً بأحد كائناً مَن كان.
وبالرغم من أن عيسى بن محمد كان يؤمن، بل ويطبِّق ما آمن به عملياً، من أن الوعظ والدعوة بالقدوة والسلوك هو أرقى أنواع الوعظ والإرشاد، إلا أنني أضيف للقارىء هذه المعلومة التي ربما تَخفَى على الكثيرين منا، فقد حدثني أحد الإخوة الكبار مؤكداً أنه مع الافتتاح غير الرسمي لمسجد جمعية الإصلاح في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وفي أول رمضان يمر على المسجد، كانت للشيخ عيسى بن محمد دروس يومية عامة بعد صلاة العصر في تفسير القرآن الكريم، يقرأ فيها ويعلق على كتاب (تفسير ابن باديس) ليُسجَّل في رصيد تاريخ عيسى بن محمد أنه أول من قدَّم درساً يومياً في مسجد جمعية الإصلاح.
رحِمَ الله الأب الحاني، والأخ الشفيق، والداعية المؤثر بأخلاقه.. عيسى بن محمد، رحمه الله رحمة واسعة بقدْر ما أحبَّنا وأحببناه وأكثر، وبقدْر ما استفدنا وتعلمنا منه وأكثر، وبقدْر ما امتدت ذكراه الطيبة في نفوسنا وأكثر.
اللهم اغفر له وتقَبَّله عندك في الصالحين المصلحين "فِی جَنَّات وَنَهَر، في مَقۡعَدِ صِدۡقٍ عِندَ مَلِیك مُّقۡتَدِرِ.
والله من وراء القصد.
سورة يوسف سماها الله أحسن القَصص لأنها تضمَّنت من الأحداث ما يظنه الواحد منا لأول وهلة أنها مصائب ومحِن، غير أن المتأمل في نتائجها يجد أنَّ رحمة الله الرحمن الرحيم تتجلى في ثنايا هذه المحن، لتحيلها مِنَحاً وعطايا. قصة بدأت برؤيا، تم تعبيرها من قِبَل...
جاء في الحديث (إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء) في إشارة إلى لفتة تربوية نبوية تربِّي المسلم على أهمية تجريد القصْد في العبادة من كل شيء وصرْفها لله وحده امتثالاً لقوله تعالى"وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّ...
إنه طاعة من أعظم الطاعات، وقُربة من أنفع القُرُبات.. شُرِعت في كل وقت وحين.. لاتأخذ منك كثير جهد ولا وقت، لكنها من حيث أثرها تزن الجبال الراسيات. وهو عبادة تعقُب العبادات، كالصلوات وقيام الليل والحج وسائر العبادات، وتُختَم بها المجالس طلباً للصفح وا...
لعمرك ما الرزية فَقْدُ مالٍ ولا شاةٌ تموت ولا بعيرُ ولكن الرزيةَ فَقْدُ فَذّ يموت لموته خَلقٌ كثيرُ إن رحيل العظماء والعلماء والدعاة والمصلحين مصيبة شديدة الوقْع على الأمة كلها، لأن في ذهاب هؤلاء ذهاباً للعلم الذي يحملونه، وتوقُّفاً للدعوة التي ي...
من المواقف البطولية الخالدة موقف الصحابي الجليل عمرو بن الجموح رضي الله عنه، وهو أحد أصحاب الأعذار الذين أجاز الله لهم التَّخَلُّف عن القتال بسبب إعاقته لأنه أعرج، والله تعالى يقول "لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَ...